فصل: في نفقة المختلعة الحامل وغير الحامل والمبتوتة الحامل وغير الحامل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن‏}‏ فقال عمر إن فلانة من اللاتي يكتمن ما خلق الله في أرحامهن وإن الأزواج عليها حرام ما بقيت ‏(‏أشهب‏)‏ عن فضيل بن عياض أن ليث بن أبي سليم حدثه والأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن أبي بن كعب أنه قال إن من الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها ‏(‏أشهب‏)‏ عن سفيان بن عيينة أن عمرو بن دينار حدثه أنه سمع عبيد بن عمير يقول إن المرأة ائتمنت على فرجها‏.‏

قال أشهب‏:‏ وقال لي سفيان بن عيينة في الحيضة والحبل إن قالت قد حضت أو قالت لم أحض أنا حامل صدقت ما لم تأت بأمر يعرف فيه أنها كاذبة‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت إن طلق الرجل امرأته فإدعت أنها قد انقضت عدتها وذلك في أيام يسيرة لا تحيض النساء ثلاث حيض في مقدار تلك الأيام‏؟‏

قال‏:‏ لا تصدق‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك إذا ادعت أن عدتها قد انقضت في مقدار ما تنقضي فيه العدة صدقت فهذا يدلك على أنه لا يصدقها إذا ادعت ذلك في أيام يسيرة لا تنقضي العدة في عدد تلك الأيام‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طلق الرجل امرأته ثم قالت في مقدار ما تحيض فيه ثلاث حيض قد دخلت في الدم من الحيضة الثالثة والزوج يسمعها ثم قالت بعد ذلك مكانها أنا كاذبة وما دخلت في الدم من الحيضة الثالثة أيكون للزوج أن يراجعها وقد نظر النساء إليها فوجدنها غير حائض‏.‏

فقال‏:‏ لا ينظر إلى نظر النساء إليها وقد بانت منه حين قالت قد دخلت في الدم من الحيضة الثالثة إذا كان في مقدار ما تحيض له النساء ولا أرى أن يراجعها إلا بنكاح جديد ‏(‏أشهب‏)‏ عن بن لهيعة أن أبا الأسود حدثه أن حميد بن نافع أخبره أن علي بن حسين طلق امرأة له من أهل العراق فتركها خمسا وأربعين ليلة ثم أراد إرتجاعها فقالت إني قد حضت ثلاث حيض وأنا الآن حائض لم أطهر من الثالثة بعد فاختصما إلى أبان بن عثمان فاستحلفها ولم يرجعها إليه‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال أشهب وليس العمل على أن تستحلف إذا كان ما ادعت تحيض في مثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طلق رجل امرأته فلما كان بعد يوم أو يومين أو شهر أو شهرين قالت المرأة قد أسقطت وقد انقضت عدتها ما قول مالك في ذلك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك وجه ذلك أن تصدق النساء في ذلك‏.‏

قال مالك‏:‏ وقل من امرأة تسقط إلا وجيرانها يعلمون ذلك ولكن لا ينظر في ذلك إلى قول الجيران وهي مصدقة فيما قالت من ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أكذبها الزوج أيكون عليها اليمين في أنها قد أسقطت أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ليس في مثل ذلك للزوج عليها يمين وهي مصدقة فيما قالت من ذلك قال لأنهن مؤتمنات على فروجهن ولو رجعت وصدقت الزوج بما قال لم تصدق ولم يكن له عليها رجعة لأنه قد ظهر أنها قد بانت منه فهما يدعيان ما يردها عليه بلا صداق ولا عقد جديد من ولي فيكون ذلك داعية إلى أن تزوج المرأة نفسها بغير صداق ولا ولي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أسقطت سقطا لم يتبين شيء من خلقه أسقطته علقة أو مضغة أو عظما أو دما أتنقضي به العدة أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ما أثبته النساء من مضغة أو علقة أو شيء يستيقن أنه ولد فإنه تنقضي به العدة وتكون الأمة به أم ولد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا طلقها فقالت قد أسقطت وقال الزوج لم تسقطي ولي عليك الرجعة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك القول قول المرأة وهذا السقط لا يكاد يخفي على النساء وجيرانها ولكن قد جعل في هذا القول قولها‏؟‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن المرأة يطلقها زوجها فتزعم أنها قد حاضت ثلاث حيض في شهر‏؟‏

قال‏:‏ يسئل النساء عن ذلك فإن كن يحضن كذلك ويطهرن له كانت فيه مصدقة‏.‏

قلت‏:‏ لأشهب أرأيت إذا طلق الرجل امرأته فقالت قد انقضت عدتي وحضت ثلاث حيض في شهرين وقال الزوج قد أخبرتني أمس أنك لم تحيضي شيئا فصدقته المرأة هل نقرها معه ونصدقها بالقول الثاني‏.‏

قال أشهب‏:‏ لا وهو مما وصفت لك أنه داعية إلى أن تزوج المرأة نفسها بغير ولي ولا صداق للذي ظهر أنها بانت منه ولكن لو أقام الزوج بينة على ما ادعى من أنها قالت بالأمس أو قبل ذلك من الأيام لمثل ما لا تحيض فيه ثلاث حيض إلى هذا اليوم لم تصدق المرأة بما ادعت من أن حيضها قد انقضين عنها وكان لزوجها عليها الرجعة ما بينها وبين أن يمضي بها من الأيام من اليوم الذي قالت إني لم أحض شيئا وقامت لزوجها عليها البينة بذلك فإن لم يرتجع إلى أن يمضي من ذلك اليوم عدد أيام يحاض في مثلهن ثلاث حيض فلا رجعة له عليها وإن رجعت عن قولها إني قد حضت ثلاث حيض‏.‏

قلت‏:‏ لأشهب أرأيت إذا لم يعلم أنه أغلق بابا ولا أرخى عليها سترا حتى فارقها ثم أراد إرتجاعها فأنكرت ذلك وكذبته بما ادعى من اصابته إياها فأقام البينة على أنه قد كان يذكر قبل فراقه إياها أنه قد أصابها‏.‏

فقال‏:‏ لا ينتفع بذلك ولا رجعة له عليها لأنه يتهم على التقدم بمثل هذا القول إعدادا لما يخاف من أن يفوته بطلاقها قبل البناء بها ليملك بذلك رجعتها ولا يقبل في ذلك قوله ولا رجعة له عليها وإن صدقته لأنها تتهم في ذلك على مثل ما اتهم عليه ولها عليه النفقة والكسوة وعليها العدة إذا صدقته ولو لم تصدقه لم يكن لها نفقة ولا كسوة ولا عدة عليها‏.‏

قلت‏:‏ لأشهب فلو أقام البينة بعد طلاقه إياها على أنه قد كان يقول وتقول هي إنه قد خلا بها وأصابها‏.‏

فقال‏:‏ لا يصدقان بذلك ولا يقبل قولهما في العدة ولا في الرجعة وعليها العدة ولا رجعة عليها له وعليه لها النفقة والكسوة حتى تنقضي عدتها ولا يتوارثان‏.‏

قال سحنون‏:‏ ألا ترى أن ربيعة قال ارخاء الستر شاهد عليهما فيما يدعيان فليس من أرخى الستر ثم ادعى كمن لم يرخه ولا يعلم ذلك‏.‏

ما جاء في المتعة

قلت‏:‏ أرأيت المطلقة إذا كان زوجها قد دخل بها وقد كان سمي لها مهرا في أصل النكاح أيكون عليه لها المتعة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم عليه المتعة‏.‏

قلت‏:‏ فهل يجبر على المتعة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يجبر على المتعة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ وقال لي مالك ليس للتي طلقت ولم يدخل بها إذا كان قد سمي لها صداقا متعة ولا للمبارئة ولا للمفتدية ولا للمصالحة ولا للملاعنة متعة كان قد دخل بهن أو لا‏.‏

قال مالك‏:‏ وأرى على العبد إذا طلق امرأته المتاع ولا نفقة عليه ولا يجبر على المتاع في قول مالك أحد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المطلقة المدخول بها وقد سمي لها صداقا لم جعل مالك لها المتاع‏؟‏

قال‏:‏ لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه ‏{‏وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين‏}‏ فجعل المتاع للمطلقات كلهن المدخول بهن وغير المدخول بهن في هذه الآية بما استثنى في موضع آخر فقال تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم‏}‏ ولم يجعل لهن المتاع ‏(‏وزعم‏)‏ زيد بن أسلم أنها منسوخة ورأى أهل العلم في المفتدية والمصالحة والمبارئة حين لم يطلقها إلا على أن أعطته شيئا أو أبرأته فكأنها اشترت منه الطلاق وخرجت منه بالذي أعطته فلا يكون عليه لها المتاع لأنها ها هنا تعطيه وتغرم له فكيف ترجع فتأخذ منه ‏(‏ولقد‏)‏ سئل مالك عن رجل تزوج امرأة وأصدقها صداقا فوقع بينهما اختلاف قبل البناء بها فتداعيا إلى الصلح فافتدت منه بمال دفعته إليه على أن لا سبيل له عليها ففعل ثم قامت بعد ذلك تطلبه بنصف صداقها‏.‏

فقال‏:‏ مالك لا شيء لها هي لم تخرج من حباله إلا بأمر غرمته له فكيف تطلبه بنصف الصداق وكأنه رأى وجه ما دعته إليه أن يتركها من النكاح على أن تعطيه شيئا تفتدي به منه ثم إني قدمت من المدينة فسألت الليث بن سعد فقال مثل قول مالك فيها كأن أحدهما يسمع صاحبه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أراه حسنا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المتعة في قول مالك أهي لكل مطلقة‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا التي سمي لها صداق فطلقها قبل أن يدخل بها فلا متعة لها وكذلك قال لي مالك وهي هذه التي استثنيت في القرآن كما ذكرت لك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذه التي طلقها زوجها قبل أن يدخل بها ولم يفرض لها صداقا لم لا يجيزه مالك على المتعة وقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه في هذه الآية بعينها إذ جعل لها المتعة فقال ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إنما خفف عندي في المتعة ولم يجبر عليها المطلق في القضاء في رأيي لأني أسمع الله يقول حقا على المتقين وحقا على المحسنين فلذلك خففت ولم يقض بها‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال غيره لأن الزوج إذا كان غير متق ولا محسن فليس عليه شيء فلما قيل على المتقين وعلى المحسنين متاع بالمعروف ولم يكن عاما على غير المحسن ولا على غير المتقي علم أنه مخفف‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقد قال ابن أبي سلمة المتاع أمر رغب الله فيه وأمر به ولم ينزله بمنزلة الفرض من النفقة والكسوة وليس يعدي عليه الأئمة كما يعدي على الحقوق وهو على الموسع قدره وعلى المقتر قدره‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والتي سألت عنها إنها في كتاب الله فلم لا يقضي بها هي بمنزلة هذه الأخرى المدخول بها التي قد سمي لها ألا ترى أنهما جميعا في كتاب الله فكما لا قضاء عليه للمدخول بها بالمتاع فكذلك لا يقضي عليه للأخرى التي لم يدخل بها بالمتاع وكيف تكون احداهما أوجب من الأخرى وإنما اللفظ فيهما واحد قال الله ‏{‏حقا على المتقين‏}‏ وقال ‏{‏حقا على المحسنين‏}‏‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة التي لم يسم لها زوجها صداقا في أصل النكاح فدخل بها ثم فارقها بعد البناء بها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لها صداق مثلها ولها المتعة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أغلق بابه وأرخى ستره عليها وخلا بها وقد بنى بها وقد سمي لها صداقا في أصل النكاح فطلقها وقال لم أمسها وقالت المرأة قد مسني‏؟‏

قال‏:‏ فالقول قول المرأة في قول مالك لأنه قد دخل بها وأما المتاع فالقول قوله لأنه يقول لم أدخل بها ولأن المتاع لا يقضي عليه به فالقول فيه قوله لأنه يقول أنا ممن طلق قبل أن يمس وقد فرضت فليس علي إلا نصف الصداق ولا يصدق في الصداق ويصدق على المتاع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الأمة إذا أعتقت فإختارت نفسها وقد دخل بها أو لم يدخل بها وقد سمي لها صداقا أو لم يسم لها صداقا فلم يدخل بها حتى أعتقت فإختارت نفسها أيكون لها المتاع في قول مالك أم لا‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الصغيرة إذا طلقت واليهودية والنصرانية والأمة والمدبرة والمكاتبة وأمهات الأولاد إذا طلقن أيكون لهن من المتاع مثل ما للحرة المسلمة البالغة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك سبيلهن في الطلاق والمتعة إن طلقت واحدة منهن قبل أن يدخل بها وقد فرض لها كسبيل الحرة المسلمة وإن لم يفرض لها فكذلك وإن دخل بها فكذلك في أمرهن كلهن سبيلهن سبيل الحرة المسلمة البالغة في المتاع والطلاق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المختلعة أيكون لها المتعة إذا اختلعت قبل البناء بها وقد فرض لها أو لم يفرض لها أو اختلعت بعد البناء بها أيكون لها المتعة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا متعة لمختلعة ولا لمبارئة‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولم يختلف هذا عندنا دخل بها أو لم يدخل بها سمي لها صداقا أو لم يسم لها صداقا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الله بن عمر ومالك والليث وغيرهم أن نافعا حدثهم أن عبد الله بن عمر كان يقول لكل مطلقة متعة التي تطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا إلا أن تكون امرأة طلقها زوجها قبل أن يمسها وقد فرض لها فحسبها نصف ما فرض لها وإن لم يكن فرض لها فليس لها إلا المتعة وقاله بن شهاب والقاسم بن محمد وعبد الله بن أبي سلمة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال إنما يؤمر بالمتاع لمن لا ردة عليه قال ولا تحاص الغرماء ليست على من ليس له شيء‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن بكير بن الأشج أن عبد الله بن عمر قال ليس من النساء شيء إلا ولها المتعة إلا الملاعنة والمختلعة والمبارئة والتي تطلق ولم يبن بها وقد فرض لها فحسبها نصف فريضتها‏؟‏

قال‏:‏ عمرو بن الحارث قال بكير أدركت الناس وهم لا يرون للمختلعة متعة ‏(‏وقال‏)‏ يحيى بن سعيد ما نعلم للمختلعة متعة ‏(‏يونس بن يزيد‏)‏ أنه سأل بن شهاب عن الأمة تحت العبد أو الحر فطلقها ألها متاع فقال كل مطلقة في الأرض لها متاع وقد قال الله تبارك وتعالى ‏{‏وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المحسنين ‏{‏وقد قال ابن عباس المتعة أعلاها خادم وأدناها كسوة ‏(‏وقال‏)‏ مثله بن المسيب وبن يسار وعمر بن عبد العزيز ويحيى بن سعيد‏.‏

وقد متع بن عمر امرأته خادما‏.‏

وعبد الرحمن بن عوف متع امرأته حين طلقها بجارية سوداء وفعل ذلك عروة بن الزبير ‏(‏وكان‏)‏ بن حجيرة يقول على صاحب الديوان متعة ثلاثة دنانير ‏(‏وقال مالك‏)‏ ليس لها حد لا في قليل ولا في كثير ولا أرى أن يقضي بها وهي من الحق عليه ولا يعدى فيها السلطان وإنما هو شيء إن أطاع به أداه وإن أبى لم يجبر على ذلك‏.‏

ما جاء في الخلع

قلت‏:‏ أرأيت إذا كان النشوز من قبل المرأة أيحل للزوج أن يأخذ منها ما أعطته على الخلع‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا رضيت بذلك ولم يكن في ذلك ضرر منه لها‏.‏

قلت‏:‏ ويكون الخلع ها هنا تطليقة بائنة في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا كان الخلع على ما تخاف المرأة من نشوز الزوج‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز للزوج أن يأخذ منها على طلاقها شيئا وإنما يجوز له الأخذ على حبسها أو يعطيها هو صلحا من عنده من ماله ما ترضى به وتقيم معه على تلك الاثرة في القسم من نفسه وماله وذلك الصلح الذي قال الله ‏{‏فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح‏}‏‏.‏

قال سحنون‏:‏ ألا ترى أن يونس بن يزيد ذكر عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن السنة في الآية التي ذكر الله فيها نشوز المرء وإعراضه عن المرأة أن المرء إذا نشز عن امرأته أو أعرض عنها فإن عليه من الحق أن يعرض عليها أن يطلقها أو تستقر عنده على ما رأت من الاثرة في القسم من نفسه وماله فإن استقرت عنده على ذلك وكرهت أن يطلقها فلا جناح عليه فيما آثر عليها به من ذلك وإن لم يعرض عليها الطلاق وصالحها على أن يعطيها من ماله ما ترضى به وتقر عنده على تلك الآثرة في القسم من ماله ونفسه صلح ذلك وجاز صلحهما عليه وذلك الصلح الذي قال الله ‏{‏فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح‏}‏‏.‏

قال ابن شهاب‏:‏ وذكر لي أن رافع بن خديج تزوج بنت محمد بن مسلمة فكانت عنده حتى إذا كبرت تزوج عليها فتاة شابة فآثر الشابة عليها فناشدته الطلاق فطلقها واحدة ثم أمهلها حتى إذا كادت أن تحل راجعها ثم عاد فآثر الشابة فناشدته الطلاق فطلقها أخرى ثم راجعها ثم عاد فآثر الشابة عليها أيضا فسألته الطلاق فقال ما شئت إنما بقيت لك تطليقة واحدة فإن شئت استقررت على ما ترين من الاثرة وإن شئت فارقتك فقالت لا بل أستقر على الأثرة فأمسكها على ذلك فكان ذلك صلحهما ولم ير رافع عليه إنما حين رضيت بأن تستقر عنده على الأثرة فيما آثر به عليها‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الجبار بن عمر عن بن شهاب أن رافع بن خديج تزوج جارية شابة وتحته بنت محمد بن مسلمة وكانت قد جلت فآثر الشابة عليها فإستأذن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رافع اعدل بينهما وإلا ففارقها فقال لها رافع في آخر ذلك إن أحببت أن تقري على ما أنت عليه من الأثرة وإن أحببت أن أفارقك فارقتك قال فنزل القرآن وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير قال فرضيت بذلك الصلح وأقرت معه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس عن أبي الزناد قال بلغنا أن أم المؤمنين سودة بنت زمعة كانت امرأة قد أسنت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستكثر منها فعرفت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمت من حبه عائشة فتخوفت أن يفارقها ورضيت بمكانها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أرأيت يومي الذي يصيبني منك فهو لعائشة وأنت مني في حل فقبل ذلك ‏(‏وأخبرني‏)‏ يحيى بن عبد الله بن سالم عن هشام بن عروة عن عائشة بذلك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس أنه سأل ربيعة عن التي تخاف من بعلها النشوز ما يحل له من صلحها وإن رضيت بغير نفقة ولا كسوة ولا قسم فقال ربيعة ما رضيت به من ذلك جاز عليها‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأخبرني الليث بن سعد عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عثمان بن عفان أنه قال الخلع مع الطلاق تطليقتان إلا أن يكون لم يطلق قبله شيئا فالخلع تطليقة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان عندها عبد فسمته ولم تصفه للزوج ولم يره الزوج قبل ذلك فخالعته على ذلك العبد أو تزوج رجل امرأة على مثل هذا أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول في هذا النكاح إن النكاح مفسوخ إن لم يكن دخل بها فإن دخل بها فلها صداق مثلها ويقران على نكاحهما‏.‏

قلت‏:‏ فالخلع كيف هو في هذا‏؟‏

قال‏:‏ الخلع جائز ويأخذ ما خالعها عليه من العبد مثل الثمر الذي لم يبد صلاحه والعبد الآبق والبعير الشارد إذا صالحها على ذلك كله إن ذلك له كله ثم يثبت الخلع بينهما‏؟‏

قال‏:‏ بن نافع وقد قاله لي مالك فيمن خالع بثمر لم يبد صلاحه أو بعبد آبق أو بعير شارد‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد قال غيره لأنه فسخ طلاق يخرج به من يده ليس يأخذ به شيئا ولا يستحل به فرجها فهو يرسل من يديه بالغرر ولا يأخذ بالغرر وذلك أن النكاح لا ينكح بما يخالع به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قالت اخلعني على ما يثمر تخلي العام أو على ما تلد غنمي العام ففعل‏؟‏

قال‏:‏ أرى ذلك جائزا لأن مالكا قال في الرجل يخالع امرأته على ثمر لم يبد صلاحه إن ذلك جائز ويكون له الثمرة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن اختلعت منه على ثوب هروي ولم تصفه أيجوز ذلك‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز ويكون له ثوب وسط مثل ما قلت لك في العبد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن اختلعت امرأة من زوجها بدنانير أو بدراهم أو عروض موصوفة إلى أجل من الآجال أيجوز ذلك في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن خالعها على مال إلى أجل مجهول أيكون ذلك حالا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن ذلك يكون حالا لأن مالكا قال في البيوع من باع إلى أجل مجهول فالقيمة فيه حالة إن كانت فاتت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن خالعها على أن أعطته عبدا على أن زادها الزوج ألف درهم‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا الخلع شيئا ولكني أرى ذلك جائزا ولا يشبه الخلع في هذا النكاح لأنه إن كان في العبد فضل عن قيمة الألف الدرهم فقد أعطته شيئا من مالها على أن أخذت منه بضعها وإن كان كفافا فهي مبارأة لأن مالكا‏؟‏ قال لا بأس أن يتتاركا على أن لا يعطيها شيئا ولا تعطيه شيئا ‏(‏وقال مالك‏)‏ هي تطليقة واحدة بائنة وإن كانت الألف أكثر من قيمة العبد فإن مالكا سئل عن الرجل يصالح امرأته على أن يعطيها من ماله عشرة دنانير فقال أراه صلحا ثابتا فقال له بعض أصحابنا فالعشرة التي دفع إليها أيرجع بها على المرأة قال مالك لا يرجع بها وهي للمرأة والصلح ثابت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن اختلعت منه على دراهم أرتها إياه فوجودها زيوفا أيكون له أن يردها عليها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ له أن يردها عليها في قول مالك وهذا مثل البيوع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن خالعها على عبد أعطته إياه ثم استحق العبد‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا تزوج الرجل المرأة على عبد فإستحق العبد إن للمرأة على الزوج قيمة العبد فكذلك مسألتك في الخلع مثل هذا‏.‏

في نفقة المختلعة الحامل وغير الحامل والمبتوتة الحامل وغير الحامل

قلت‏:‏ أرأيت المرأة تختلع من زوجها وهي حامل أو غير حامل علم بحملها أو لم يعلم هل عليه لها نفقة‏؟‏

قال‏:‏ إن كانت غير حامل فلا نفقة لها وإن كانت حاملا فلم يتبرأ من نفقة حملها فعليه نفقة الحمل‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت مبتوتة وهي حامل‏؟‏

قال‏:‏ عليه نفقتها قال ابن نافع قال مالك في قول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏ أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن‏}‏ يعني المطلقات اللاتي قد بن من أزواجهن فلا رجعة لهم عليهن وليست حاملا فلها المسكن ولا نفقة لها ولا كسوة لأنها بائن منه ولا يتوارثان ولا رجعة له عليها‏؟‏

قال‏:‏ وإن كانت حاملا فلها النفقة والكسوة والمسكن حتى تنقضي عدتها‏.‏

قال مالك‏:‏ فأنما من لم تبن منهن فإنهن نساؤهم يتوارثون ولا يخرجن ما كن في عدتهن ولم يؤمروا بالسكنى لهن لأن ذلك لازم لأزواجهن مع نفقتهن وكسوتهن كن حوامل أو غير حوامل وإنما أمر الله تبارك وتعالى بسكنى اللاتي قد بن من أزواجهن قال الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن‏}‏ فجعل الله عز وجل للحوامل اللاتي قد بن من أزواجهن السكنى والنفقة أو لا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمبتوتة التي لا حمل بها لفاطمة بنت قيس لا نفقة لك‏.‏

قال مالك‏:‏ ليس عندنا في نفقة الحامل المطلقة شيء معلوم على غني ولا على مسكين في الآفاق ولا في القرى ولا في المدائن لا في سفر ولا لرخصة إنما ذلك على قدر يسره وعسره‏.‏

قال مالك‏:‏ فإن كان زوجها يتسع لخدمة أخدمها ‏(‏وقال مالك‏)‏ النفقة على كل من طلق امرأته أو اختلعت منه وهي حامل ولم يتبرأ الرجل منه حتى تضع حملها فإن مات زوجها قبل أن تضع انقطعت النفقة عنها ‏(‏وقد‏)‏ قال سليمان بن يسار في المعتدة لا نفقة لها إلا أن تكون حاملا ‏(‏وقد‏)‏ قال جابر بن عبد الله وأبو أمامة بن سهل بن حنيف وسليمان بن يسار وبن المسيب وعمرة بنت عبد الرحمن وعبد الله بن أبي سلمة وربيعة وغيرهم من أهل العلم في المرأة الحامل يتوفي عنها زوجها لا نفقة لها حسبها ميراثها ‏(‏وقال‏)‏ عبد الرحمن بن القاسم سمعت مالكا وسئل عن رجل تزوج بمكة ثم خرج منها فوكل وكيلا أن يصالح عنه امرأته فصالحها الوكيل ثم قدم الزوج‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الصلح جائز عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن وكل رجلين على أن يخلعا امرأته فخلعها أحدهما‏.‏

فقال‏:‏ لا يجوز ذلك لأنه لو وكلهما جميعا يشتريان له سلعة من السلع أو يبيعان له سلعة من السلع ففعل ذلك أحدهما دون صاحبه إن ذلك غير جائز‏.‏

ما جاء في خلع غير المدخول بها

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة على مهر مائة دينار فدفع إليها المائة فخالعته قبل البناء بها على أن دفعت إليه غلامها هل يرجع عليها بنصف المائة أم لا‏؟‏ قال ابن القاسم‏:‏ أرى أن ترد المائة كلها وذلك أني سمعت مالكا سئل عن رجل تزوج امرأة بمهر مسمى فأفتدت منه بعشرة دنانير تدفعها إليه قبل أن يدخل بها على أن يخلي سبيلها ففعل ثم أرادت أن تتبعه بنصف المهر قال مالك ليس ذلك لها‏.‏

قال مالك هو لم يرض أن يخلي سبيلها حتى يأخذ منها فكيف تتبعه‏؟‏

قال‏:‏ وسمعت الليث يقول ذلك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ولم نسأل مالكا أكان نقدها أو لم ينقدها‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وسواء عندي نقد أو لم ينقد‏.‏

ومما يبين ذلك أنه لو كان نقدها ثم دعته إلى أن يتاركها أو يبارئها لوجب عليها إن كانت أخذت الصداق أن ترده كله فهي حين زادته أحرى أن لا تمسك من المهر شيئا إن كانت قبضته ولو كان يكون لها أن تتبعه إذا أعطته لكان لها أن تتبعه إذا لم تعطه وهما إذا إصطلحا قبل أن يدخل بها وتفرقا على وجه المبارأة أحدهما لصاحبه فمما لا شك فيه أنها لا تحبس شيئا مما كان نقدها ولم تتبعه بشيء إن كان لم ينقدها فهو حين لم يرض أن يتاركها ويبارئها حتى أخذ منها أحرى أن لا تتبعه في الوجهين جميعا ولكن لو أن رجلا تزوج امرأة وسمى لها صداقا فسألته قبل أن يدخل بها أن يطلقها على أن تعطيه شيئا من صداقها كان له ما أعطته من صداقها ورجعت عليه فيما بقي من صداقها بنصف ما بقي من صداقها إن كان لم ينقدها وإن كان قد نقدها رجع عليها بنصف ما بقي في يديها بعد الذي أعطته من صداقها وإن كانت إنما قالت له طلقني طلقة ولك عشرة دنانير فإنه إن كان لم يستثن ذلك من صداقها فإنها تتبعه بنصف المهر إن كان لم ينقدها إياه ويتبعها بنصف المهر إن كان قد نقدها إياه سوى الذي أخذ منها وإنما اشترت منه طلاقها‏.‏

ومما يبين لك ذلك لو قالت له طلقني قبل أن يدخل بها ولم تأخذ منه شيئا اتبعته بنصف الصداق إن كان لم ينقدها إياه ويتبعها بنصف الصداق إن كان نقده إياها وإنما اشترت منه طلاقها بالذي أعطته فكما كان في الخلع وإن لم تعطه شيئا واصطلحا على أن يتفرقا وأن يتتاركا لم يكن لها شيء من صداقها أعطته إياه أو لم تعطه فكذلك إذا أعطته شيئا سوى ذلك أحرى أن لا يكون لها شيء من صداقها لأنه لم يكن يرضى أن يخلعها إلا بالذي زادته من ذلك وكما كان يكون لو طلقها كان لها نصف الصداق قبضته أو لم تقبضه فكذلك يكون لها نصف الصداق عليه إذا اشترت منه طلاقها فهما وجهان بينان والله أعلم‏.‏

قلت‏:‏ هل يحل للزوج أن يأخذ من امرأته أكثر مما أعطاها في الخلع‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم‏.‏

قالاابن وهب‏:‏ وقال مالك لم أزل أسمع من أهل العلم وهو الأمر المجتمع عليه عندنا أن الرجل إذا لم يضر بالمرأة ولم يسىء إليها ولم تؤت المرأة من قبله وأحبت فراقه فإنه يحل له أن يقبل منها ما أفتدت به وقد فعل ذلك النبي بامرأة ثابت بن قيس بن شماس حين جاءت فقالت لا أنا ولا ثابت لزوجها وقالت يا رسول الله كل ما أعطاني عندي وافر فقال النبي خذ منها فأخذ منها وترك‏.‏

وفي حديث آخر ذكره بن وهب عن الحارث بن نبهان عن الحسن بن عمارة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري أن أخته كانت تحت رجل فكان بينهما درء وجفاء حين تحاكما إلى رسول الله فقال تردين إليه حديقته فقالت نعم وأزيده فأعاد ذلك ثلاث مرات فقال عند الرابعة ردي عليه حديقته وزيديه ‏(‏وذكر‏)‏ بن وهب عن أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين قال جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب تشتكي زوجها فحبست في بيت فيه زبل فباتت فيه فلما أصبحت بعث إليها فقال كيف بت الليلة فقالت ما بت ليلة كنت فيها أقر عينا مني الليلة فسألها عن زوجها فأثنت عليه خيرا وقالت إنه وإنه ولكن لا أملك غير هذا فأذن لها عمر في الفداء‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان الثوري والحارث عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن كثير مولى بن سمرة بنحو هذا الحديث وقد قال عمر لزوجها اخلعها ولو من قرطها‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال مالك ولم أر أحدا ممن يقتدى به يكره أن تفتدي المرأة بأكثر من صداقها وقد قال الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏فلا جناح عليهما فيما افتدت به‏}‏‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ قال مالك وإن مولاة لصفية اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس وقال ربيعة وأبو الزناد لا جناح عليه أن يأخذ أكثر مما أعطاها‏.‏

قالاابن وهب‏:‏ وقال مالك في التي تفتدي من زوجها إنه إذا علم أن زوجها أضر بها أو ضيق عليها وأنه لها ظالم مضى عليه الطلاق ورد عليها مالها وهذا الذي كنت أسمع والذي عليه الأمر عندنا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس عن بن شهاب أنه قال إن كانت الإساءة من قبلها فله شرطه وإن كانت من قبله فقد فارقها ولا شرط له‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول إذا لم تؤت المرأة من قبل زوجها حل له أن يقبل منها الفداء‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عمرو بن الحارث عن بن شهاب أنه قال نرى من الحدود التي ذكر الله فيما يكون في العشرة بين المرأة وزوجها إذا استخفت المرأة بحق زوجها فنشزت عليه وأساءت عشرته وأحنثت قسمه أو خرجت بغير اذنه أو أذنت في بيته لمن يكره وأظهرت له البغض فنرى أن ذلك مما يحل له به الخلع ولا يصلح لزوجها خلعها حتى يؤتى من قبلها فإذا كانت هي تؤتى من قبله فلا نرى خلعها يجوز‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة عن بكير بن الأشج أنه‏؟‏ قال لا بأس بما صالحت عليه المرأة إذا كانت ناشزا‏؟‏

قال‏:‏ بكير ولا أرى امرأة أبت أن تخرج مع زوجها إلى بلد من البلدان إلا ناشزا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لها أنت طالق على عبدي هذا فقامت من مجلسها ذلك قبل أن تقبل ثم قالت بعد ذلك خذ العبد وأنا طالق‏؟‏

قال‏:‏ هذه في قول مالك لا شيء لها إلا أن تقول قد قبلت قبل أن يفترقا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا قال لها إذا أعطيتني ألف درهم فأنت طالق ثلاثا أيكون ذلك لها متى أعطته ألف درهم فهي طالق ثلاثا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك من‏؟‏ قال لامرأته أمرك بيدك متى ما شئت أو إلى سنة أو إلى شهر فأمرها بيدها إلى ذلك الأجل إلا أن توقف قبل ذلك فتقضي أو ترد أو يطؤها قبل ذلك فيبطل الذي كان في يدها من ذلك بالوطء إذا أمكنته ولا يكون لها أن تقضي بعد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أنها أعطته شيئا على أن يطلق ويشترط رجعة‏؟‏

قال‏:‏ إذا يمضي عليه الخلع ويكون شرطه الرجعة باطلا لأن شرطه لا يحيل سنة الخلع لأن سنة الخلع أن كل من طلق بشيء ولم يشترط شيئا ولم يسمه من الطلاق كان خلعا والخلع واحدة بائنة لا رجعة له فيها وهي تعتد عدة المطلقة وإن أراد وأرادت نكاحه إن لم يكن مضت منه قبل ذلك إن كان عبدا تطليقة أو حرا تطليقتان وهي في عدة منه فعلا لأن الماء ماؤه بوجه الماء المستقيم بوطء الحلال ليس بوطء الشبهة‏.‏

قلت‏:‏ أرأين إلم يسميا طلاقا وقد أخذ منها الفداء وانقلبت إلى أهلها وقالا ذاك بذاك‏.‏

فقال‏:‏ هو طلاق الخلع‏.‏

قلت‏:‏ فإذا سميا طلاقا‏؟‏

قال‏:‏ إذا يمضي ما سميا من الطلاق‏.‏

قلت‏:‏ فإن اشترط أنها إن طلبت شيئا رجعت زوجا له‏؟‏

قال‏:‏ لا مردود لطلاقه إياها ولا ترجع إلا بنكاح جديد كما ينبغي النكاح من الولي والصداق والأمر المبتدأ وقد قال مالك شرطه باطل والطلاق لازم ‏(‏وقد‏)‏ قال مالك أيضا فيما يشترط عليها في الخلع إن خالعها واشترط رجعة تكون له إن الخلع ماض ولا رجعة له‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال الليث قال يحيى بن سعيد كان عثمان بن عفان يقول كل فرقة كانت بين رجل وامرأته بخلع فارقها ولم يسم لها طلاقا فإن فرقتهما تطليقة واحدة بائنة يخطبها إن شاء فإن أخذ منها شيئا على أن يسمي فسمى فهو على ما سمى إن سمى واحدة فواحدة وإن سمى اثنتين فاثنتين وإن سمى أكثر من ذلك فهو على ما سمى‏.‏

قال ابن شهاب‏:‏ ولا ميراث بينهما وقد قال ذلك عثمان بن عفان وسليمان بن يسار وربيعة وبن قسيط‏.‏

قال ابن المسيب ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس فذكر له شأن حبيبة وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لها تردين إليه حديقته فقالت نعم فقال ثابت ويطيب ذلك لي فقال نعم قال قد فعلت فقال رسول الله اعتدى ثم التفت إليه فقال هي واحدة ‏(‏قلت‏:‏ أرأيت إن خالعها الزوج وهو ينوي بالخلع ثلاثا‏؟‏

قال‏:‏ يلزمه الثلاث في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قالت له أخالعك على أن أكون طالقا تطليقتين ففعل أيلزمه التطلقيتان في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو لم يكن للمرأة على الزوج دين ولا مهر فقال الزوج أخالعك على أن أعطيك مائة درهم فقبلت أيكون هذا خلعا وتكون تطليقة بائنة لا يملك رجعتها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم تكون تطليقة بائنة لا يملك رجعتها‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك لو لم يعطها الزوج فخالعها فهي بذلك أيضا بائن‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال غيره فقيل له فالمطلق طلاق الخلع أواحدة بائنة أو واحدة وله الرجعة أو البتة فقال لا بل البتة لأنه لا تكون واحدة بائنة أبدا إلا بخلع وإلا فقد طلقها طلاق البتة لأنه ليس له دون البتة طلاق يبين إلا بخلع وصار كمن قال لزوجته التي دخل بها أنت طالق طلاق الخلع ومن قال ذلك فقد أدخل نفسه في الطلاق البائن ولا يقع في الطلاق بائن إلا بخلع أو ما يبلغ به الغرض الأقصى وهي البتة‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد روى بن وهب عن مالك وبن القاسم في رجل طلق امرأته وأعطاها وهو أبو ضمرة أنه قال طلقة تملك الرجعة وليس بخلع ‏(‏وروى‏)‏ بن وهب عنه أنه رجع فقال تبين منه بواحدة‏.‏

وأكثر الرواة على أنها غير بائن لأنه إنما يختلع بما يأخذ منها فيلزمه بذلك سنة الخلع فأما ما لم يأخذ منها فليس بخلع وإنما هو رجل طلق وأعطى فليس بخلع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الخلع والمبارأة عند السلطان أو عند غير السلطان في قول مالك أجائز أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يعرف ملك السلطان‏؟‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك أيجوز الخلع عند غير السلطان‏؟‏ قال نعم هو جائز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا اختلعت المرأة من زوجها على أن يكون الولد عند أبيهم أيكون ذلك للأب أم لا‏؟‏ يجوز هذا الشرط في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك للأب ذلك والشرط جائز إلا أن يكون ذلك مضرا بالصبي مثل أن يكون يرضع وقد علق أمه فيخاف عليه إن نزع منها أن يكون ذلك مضرا به فليس له ذذلك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأرى له أخذه إياه منها بشرطه إذا خرج من حد الإضرار به والخوف عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا اختلعت من زوجها على أنه لا سكنى على الزوج‏؟‏

قال‏:‏ إن كان إنما شرط أن عليها كراء المسكن الذي تعتد فيه وهي في مسكن بكراء فذلك جائز وإن كان شرط عليها إن كانت في مسكن الزوج أن عليها كراء المسكن وهو كذا وكذا درهما في كل شهر فذلك جائز وإن كان إنما شرط عليها حين قال ذلك على أنه لا سكنى لك على أن تخرج من منزلها الذي تعتد فيه وهو مسكنه فهذا لا يجوز ولا يصلح في قول مالك وتسكن بغير شيء والخلع ماض‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن وقع هذا الشرط فخالعها على أن لا سكنى لها عليه على أن تخرج من منزله‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك كل خلع وقع بصفقة حرام كان الخلع جائزا ورد منه الحرام‏.‏

قلت‏:‏ فهل يكون للزوج على المرأة شيء فيما رد إليها من ذلك في قول مالك‏؟‏ قال لا‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ قال مالك في الرجل يكون له على امرأته دين إلى أجل أو يكون للمرأة على الزوج دين إلى أجل فيخالعها على أن يعجل الذي عليه الدين للذي له الدين قبل محل أجل الدين‏.‏

قال مالك‏:‏ الخلع جائز والدين إلى أجله ولا يعجل وقد قيل إن الدين إذا كان عليه فليس بخلع وإنما هو رجل أعطى وطلق فالطلقة فيه واحدة وهو يملك الرجعة وهذا إذا كان الدين عينا وهو مما للزوج أن يعجله قبل محله وأما إن كان الدين عرضا أو طعاما أو مما لا يجوز للزوج أن يعجله إلا برضا المرأة ولا تستطيع المرأة قبضه إلا برضا الزوج فهذا الذي يكون بتعجيله خلعا ويرد إلى أجله وإنما طلاقه إياها على أن يعجل ذلك لها كهو لو زادها دراهم أو عرضا سواه على أن يعجل ذلك لها لم يجز وكان ذلك حراما ورد الدين إلى أجله وأخذ منها ما أعطاها لأنه يقدر على رده وإن الطلاق قد مضى فلا يقدر على رده ويرد الدين إلى أجله لأنه إنما طلق على أن يحط عنه الضمان الذي كان عليه إلى أجل فأعطاها الطلاق لأخذ ما لا يجوز له أخذه فألزم الطلاق ومنع الحرام ألا ترى أنه لو طلقها على أن تسلفه سلفا ففعل إن الطلاق يلزمه ويرد السلف لأن رسول الله نهى عن سلف جر منفعة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن خالع رجل امرأته على أن أعطته خمرا‏؟‏

قال‏:‏ الخلع جائز ولا شيء له من الخمر عليها فإن كان قد أخذ الخمر منها كسرت في يده ولا شيء له عليها‏؟‏

قال‏:‏ وسمعت مالكا يقول في رجل خالع امرأته على أن أسلفته مائة دينار سنة فقال مالك يرد السلف إليها وقد ثبت الصلح ولا شيء له عليها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن اختلعت المرأة من زوجها على أن نفقة الزوج عليها ونفقة الولد‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول إذا اختلعت المرأة من زوجها على أن ترضع ولده سنتين وتنفق عليه إلى فطامه فذلك جائز وإن ماتت كان الرضاع والنفقة في مالها فإن اشترط عليها نفقة الولد بعد الحولين وضرب لذلك أجلا أربع سنين أو ثلاث سنين فذلك باطل وإنما النفقة على الأم والرضاع في الحمل وفي الحولين فأما ما بعد الحول والحولين فذلك موضوع عن المرأة وإن اشترطه عليها الزوج‏؟‏

قال‏:‏ وأفتي مالك بذلك في المدينة وقضي به ‏(‏وقد‏)‏ قال غيره إن الرجل يخالع بالغرر ويجوز له أخذه وإن ما بعد الحولين غرر ونفقة الزوج غرر فالطلاق يلزم والغرر له أن يأخذها به ألا ترى أنه يخالع على الآبق والجنين والثمرة التي لم يبد صلاحها‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فهل يكون للزوج عليها لما شرط عليها من نفقة ولده سنين بعد الرضاع شيء إذا أبطلت شرطه‏؟‏

قال‏:‏ ما رأيت مالكا يجعل له عليها لذلك شيئا‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فإن مات الولد قبل الحولين أيكون للزوج على المرأة شيء‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ما رأيت أحدا طلب ذلك‏؟‏

قال‏:‏ فرددناه عليه فقال ما رأيت أحدا طلب ذلك‏؟‏

قال‏:‏ ورأيت مالكا يذهب إلى أنها إنما أبرأته من مؤنة ابنه في الرضاع حتى تفطمه فإذا هلك قبل ذلك فلا شيء للزوج عليها‏؟‏

قال‏:‏ فمسألتك التي سألت عنها حين خالعها على شرط أن تنفق على زوجها سنة أو سنتين أن لا شيء له‏.‏

قلت‏:‏ ما الخلع وما المبارأة وما الفدية‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك المبارأة التي تبارئ زوجها قبل أن يدخل بها فتقول خذ الذي لك وتاركني ففعل فهي طلقة وقد قال ربيعة ينكحها إن لم يكن زاد على المبارأة ولم يسم طلاقا ولا البتة في مبارأته‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك والمختلعة التي تختلع من كل الذي لها والمفتدية التي تعطيه بعض الذي لها وتمسك بعضه‏.‏

قال مالك‏:‏ وهذا كله سواء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قالت المرأة للزوج اخلعني على ألف درهم أو بارئني على ألف درهم أو طلقني على ألف درهم أو بألف درهم‏؟‏

قال‏:‏ أما قولك على ألف درهم أو بألف فهو عندنا سواء ولم أسأل مالكا عن ذلك ولكنا سمعنا مالكا يقول في رجل خالع امرأته على أن تعطيه ألف درهم فأصابها عديمة مفلسة‏.‏

قال مالك‏:‏ الخلع جائز والدراهم على المرأة يتبعها بها الزوج وإنما ذلك إذا صالحها بكذا وكذا وثبت الصلح‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والذي سمعت من قول مالك في الذي يخالع امرأته إنه إذا ثبت الخلع ورضي بالذي تعطيه يتبعها به فذلك الذي يلزمه الخلع ويكون ذلك دينا له عليها فأما من‏؟‏ قال لامرأته إنما أصالحك على إن أعطيتني كذا وكذا تم الصلح بيني وبينك فلم تعطه فلا يلزمه الصلح‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا قال لرجل طلق امرأتك ولك ألف درهم فطلقها أيجب له الألف على الرجل في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك الألف واجبة للزوج على الرجل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قالت بعني طلاقي بألف درهم ففعل أيجوز ذلك في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن امرأة قالت لزوجها اخلعني ولك ألف درهم فقال قد خلعتك أيكون له الألف عليها وإن لم تقل المرأة بعد قولها الأول شيئا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهو قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ إذا أتبع الخلع طلاقا فقال لها مع فراغهما من الصلح أنت طالق أنت طالق‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أتبع الخلع الطلاق ولم يكن بين ذلك سكوت أو كلام يكون ذلك قطعا بين الصلح وبين الطلاق الذي تكلم به فالطلاق لازم للزوج فإن كان بينهما سكوت أو كلام يكون قطعا لذلك فطلقها فلا يقع طلاقه عليها وقد قال عثمان الخلع مع الطلاق اثنتان وقال ابن أبي سلمة إذا لم يكن بينهما صمات ومن فعل ذلك فقد أخطأ السنة وإنما الخلع واحدة إذا لم يسم طلاقا ‏(‏وأخبرني‏)‏ مخرمة عن أبيه قال سمعت عبد الرحمن بن القاسم بن محمد وبن قسيط وأبا الزناد سئلوا عن رجل خالع امرأته ثم طلقها في مجلسه ذلك تطليقتين فقالوا تطليقتاه باطلتان‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ قال ابن قسيط طلق ما لا يملك ‏(‏وقال‏)‏ بكير وقاله عبد الله بن أبي سلمة ‏(‏وقال ابن وهب‏)‏ وقال ابن عباس وعبد الله بن الزبير والقاسم وسالم وربيعة ويحيى طلق ما لا يملك ‏(‏وقال ابن وهب‏)‏ وقال ربيعة طلاقه كطلاق امرأة أخرى فليس له طلاق بعد الخلع ولا يعد عليه‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وقال يحيى وليس يرى الناس ذلك شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن امرأة اختلعت من زوجها بألف درهم دفعتها إليه ثم إن المرأة أقامت البينة أن زوجها قد كان طلقها قبل ذلك ثلاثا البتة أترجع عليه فتأخذ منه الألف أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ترجع عليه فتأخذ منه الألف الدرهم وذلك أن مالكا سئل فيما بلغني عن امرأة دعت زوجها إلى أن يصالحها فحلف بطلاقها البتة إن صالحها فصالحها بعد ذلك‏؟‏

قال‏:‏ قد بانت منه ويرد إليها ما أخذ منها‏.‏

وكذلك لو خالعها بمال أخذه منها ثم انكشف أنه تزوج وهو محرم أو أنها أخته من الرضاعة أو مثل ذلك مما لا يثبت نكاحه‏؟‏

قال‏:‏ هذا كله لا شيء له فيه لأنه لم يرسل من يديه شيئا بما أخذ ألا ترى أنه لم يكن يقدر على أن يثبت معها على حال‏.‏

قلت‏:‏ فلو انكشف أن بها جنونا أو جذاما أو برصا‏؟‏

قال‏:‏ هذا إن شاء أن يقيم على النكاح أقام عليه ألا ترى أنه إذا كان إن شاء أن يقيم على النكاح أقام كان خلعه ماضيا ألا ترى أنه ترك به من المقام على أنها زوجه ما لو شاءأقام عليه ألا ترى أنه إذا تركها بغير الخلع لما غرته كان فسخا بطلاق‏.‏

قلت‏:‏ فلو انكشف أن بالزوج جنونا أو جذاما أو برصا‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون له من الخلع شيء‏.‏

قلت‏:‏ من أين وهو فسخ بالطلاق‏؟‏

قال‏:‏ ألا ترى أنها أعطته شيئا على خروجها من يديه ولها أن تخرج من يده بغير شيء أو لا ترى أنه لم يرسل من يديه شيئا بما أخذ إلا وهي أملك منه بما في يديه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قالت له امرأته قد كنت طلقتني أمس على ألف درهم وقد كنت قبلت ذلك وقال الزوج قد كنت طلقتك أمس على ألف درهم ولم تقبلي‏؟‏

قال‏:‏ القول قول المرأة لأن مالكا قال في رجل ملك امرأته مخليا في بيته وذلك بالمدينة فخرج الرجل عنها ثم أتى ليدخل عليها فأغلقت الباب دونه وقالت قد ملكتني وقد اخترت نفسي وقال الزوج ملكتك ولم تختاري فاختلف فيها بالمدينة فسأل الرجل مالكا عن ذلك فقال أرى القول قولها لأنك قد أقررت بالتمليك وأنت تزعم أنها لم تقض فأرى القول قولها‏.‏

قلت‏:‏ إنما جعل مالك القول قولها لأنه كان يرى أن لها أن تقضي وإن تفرقا من مجلسهما‏؟‏

قال‏:‏ لا ليس لهذا قال وقد أفتي مالك هذا الرجل بما أخبرتك من فتياه قبل أن يقول في التمليك بقوله الآخر وإنما أفتاه مالك وهو يقول في التمليك بقوله الأول إذ كان يقول إن لها أن تقضي ما دامت في مجلسها‏؟‏

قال‏:‏ وإنما رجع إلى هذا القول أن لها أن تقضي وإن قامت من مجلسها في آخر عام فارقناه وكان قوله قبل ذلك إذا تفرقا فلا قضاء لها إذا كان قد أمكنها القضاء في ذلك قبل قيام زوجها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا تصادقا في الخلع واختلفا في الجعل الذي كان به الخلع فقالت المرأة خالعتني بهذه الجارية وقال الزوج بل خالعتك بهذه الدار وهذه الجارية وهذا العبد‏؟‏

قال‏:‏ في قول مالك الخلع جائز ولا يكون للزوج إلا ما أقرت به المرأة من ذلك ويحلف إلا أن يكون له بينة على ما ادعى من ذلك لأن مالكا قال في رجل صالحته امرأته فيما بينه وبينها ووجب ذلك بينهما على شيء أعطته ثم إنه خرج ليأتي بالشهود ليشهد فيما بينهما فجحدت المرأة الصلح وأن تكون أعطته على ذلك شيئا قال مالك تحلف المرأة ويثبت الخلع على الزوج ولا يكون له من المال الذي ادعى شيئا ويفرق بينهما لأنه قد أقر بفراقها‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن رجلا ادعى أنه خالع امرأته على ألف درهم والمرأة تنكر الخلع وأقام الزوج شاهدا واحدة أنه خالعها على ألف درهم أيحلف مع شاهده ويستحق هذه الألف‏؟‏

قال‏:‏ قول مالك أن ذلك له‏.‏